بيان الحثالة ( بقلم : ڨاليري سولاناس )
في أفضل أحوالها، الحياة في هذا المجتمع مملة حتى الموت ولا فائدة ترجى منها للنساء في أي جانب من جوانبها ، ولذلك لا مناص للسيدات المتحضرات، المسؤولات والباحثات عن الإثارة الا الإطاحة بالحكومة، إلغاء نظام التداول المالي، التأسيس الكامل للأتمتة وتدمير جنس الذكور.
الآن يمكننا تقنياً الإنجاب دون أي مساعدة من الذكور (أو، في هذه الحالة، الإناث) والاكتفاء بإنجاب الإناث فقط. علينا القيام بذلك فوراً. لم يعد الإنجاب هو علة بقاء الذكور. الذكر هو خطأ بيولوجي: الجينY (الذكر) هو جينX (الأنثى) غير مكتمل، هذا يعني، أنه لديه مجموعة غير مكتملة من الكروموزومات. بعبارة أخرى، الذكر هو أنثى غير مكتملة، إجهاض يتحرك على قدمين، جهيض في المرحلة الجينية. أن تكون ذكراً يعني أن تكون ناقصاً، محدوداً عاطفياً؛ الذكورة هي مرض عجز والذكور ليسوا إلا معاقون عاطفياً.
الذكر متمحور حول ذاته كلياً، حبيس نفسه، غير قادر على التعاطف أو التماهي مع الآخرين، أو الحب، الصداقة، المودة أو الرقة. هو وحدة معزولة تماماً، غير قادر على إقامة علاقات مع الآخرين. استجابته غريزية بالكامل، لا دماغية؛ ذكائه مجرد وسيلة لخدمة دوافعه واحتياجاته؛ هو غير قادر على الشغف الفكري، التفاعل الذهني؛ لا يمكنه التواصل مع أي شيء الا بأحاسيسه الجسدية. هو كتلة نصف ميتة وغير مستجيبة، غير قادر على إعطاء أو تلقي المتعة أو السعادة؛ وبالتالي، هو في أفضل الأحوال كائن ممل جداً، فقاعة غير مؤذية، حيث أن أولئك القادرين على استيعاب الآخرين هم وحدهم الذين بإمكانهم أن يكونوا جذابين. الذكر هو جسر إنتقالي ما بين البشر والقرود، بل هو اسوأ من القرود لأنه، بعكس القرود، قادر على اختبار تشكيلة واسعة من المشاعر السلبية – الكراهية، الغيرة، الازدراء، الاشمئزاز، الشعور بالذنب، العار، الشك - وعلاوة على ذلك، لديه وعي ذاتي.
على الرغم من جسديته التامة، الذكر غير لائق حتى للقيام بالخدمات الجنسية. حتى إن سلمنا له بالكفائة الميكانيكية، والتي يمتلكها قلة من الرجال،إلا أنه، أولا، غير قادر على أداء المهمة بحماس وشبقية، لكن بدلا من ذلك يغمره الشعور بالذنب، العار، الخوف والقلق، مشاعر متجذرة في طبيعة الذكر، والتي لا يستطيع حيالها التدريب الأكثر استنارة الا تحجيمها فقط؛ ثانياً، الشعور الجسدي باللذة الذي يصل إليه يكاد لا يذكر؛ وثالثاً، هو لا يتعاطف مع شريكته، لكنه مهووس بأداءه هو، أن يقوم بأداء رائع، أي القيام بعمل سباكة جيد. أن ينعت الرجل بالحيوان لهو إطراء له؛ فهو آلة، "ديلدو" متحرك . غالباً ما يقال إن الرجال يستخدمون النساء. يستخدمونهم لأي غرض؟ بالتأكيد ليس للمتعة.
على الرغم من مشاعر الذنب، العار، المخاوف والقلق التي تقتاته من الداخل، فالذكر مهووس بالمضاجعة؛ ولسوف يسبح في بحيرة من المخاط، ويغوص في القئ، إن اعتقد أن فرجاً ودوداً ينتظره في نهاية الطريق، ولسوف يضاجع امرأة يكرهها، أية شمطاء قبيحة، وبالإضافة إلى ذلك، سوف يدفع المال من أجل إتاحة تلك الفرصة. لماذا؟ التخلص من التوتر الجسماني ليست الإجابة الصحيحة، فالإستمناء كافي لأداء هذا الغرض. ولا هو حتى إرضاء للأنا؛ فهذا لا يفسر مضاجعة الجثث والرضع.
نظراً لتمحوره التام حول ذاته، فهو غير قادر على التواصل، التعاطف أو التماهي، تغمره جنسانية واسعة، متفشية ومنتشرة. الذكر كائن سلبي نفسياً. هو يكره سلبيته تلك، لذلك يقوم بإسقاطها على النساء، ثم يفسر هذا الفعل بأنه إيجابية ويكرسه في إثبات رجولته. وسيلته الوحيدة لإثبات ذلك هي المضاجعة ( رجل فحل ذا اير كبير). ولأنه يحاول إثبات أمر خطأً بالضرورة، يتوجب عليه إثباته المرة تلو المرة. إذن المضاجعة هي محاولة بائسة وقهرية لإثبات إنه ليس سلبياً، ليس امرأة؛ لكن في الحقيقة هو سلبي ويريد أن يكون امرأة.
لكونه أنثى غير مكتملة، يمضي الذكر طيلة حياته محاولاً إكمال نفسه، أي أن يصبح أنثى. يحاول القيام بذلك عن طريق البحث الدائم عن، الإخاء مع ومحاولة العيش عبر والانصهارفي الأنثى، وبادعاء امتلاكه كل الخصال الأنثوية – القوة العاطفية والاستقلال، القوة، المرونة، الحزم، رباطة الجأش، الموضوعية، الثقة بالنفس، الشجاعة، النزاهة، الحيوية، عمق الشخصية، الروعة، الخ – وإسقاط جميع الخصال الذكورية على النساء– الغطرسة، الرعونة، التفاهة، الضعف، الخ. ومع ذلك، من الجدير بالذكر أن للذكر منطقة تفوق صارخة على الأنثى – العلاقات العامة. ( لقد قام بعمل بارع بإقناع ملايين من النساء أن الرجال هم نساء والنساء هن رجال). يدعي الذكر أن الإناث يجدن عبر الأمومة تحقيق الذات اما الجنسانية فتعكس ما يعتقده الذكور تحقيقاً لذاتهم إن كانوا إناثاً.
النساء، بعبارة أخري، لا يعانين من حسد القضيب؛ الرجال هم من يعانون من حسد الفرج. عندما يتقبل الذكر سلبيته، ويعرّف نفسه كامرأة (يشترك الذكور والإناث معاً في الإعتقاد بأن الرجال هم نساء والنساء هن رجال)، ويصبح متخنثاً ويقفد إرادته للمضاجعة ( أو في هذه الحالة للقيام بأي شيء آخر، فقمة تحقيق الذات بالنسبة له هي تشبهه بالنساء( ويقطع قضيبه. يشعر بعدها بانتشار نشوة جنسية متواصلة ل" كونه امرأة". المضاجعة بالنسبة للرجل، هي حالة دفاعية موجهة ضد رغبته في أن يصبح أنثى. هو مسؤول عن :
الحرب
الحرب هي التعويض الطبيعي للرجل لعدم كونه امرأة، بالتحديد، لأن إطلاق العنان لمسدسه الكبير على الملأ، غير كافٍ على الإطلاق، لأنه لا يستطيع القيام بذلك الا في أوقات محدودة؛ لذلك بإطلاقه على نطاق واسع، يثبت للعالم كله أنه "رجل". ولأنه ليس لديه رأفة أو قدرة على التعاطف أو التماهي، يتطلب إثبات رجولته عدد لا نهائي من البتر والعذاب وحصد الحيوات، بما فيها حياته هو – لكون حياته لا قيمة لها سيفضل أن يلقى حتفه في أتون الوغى على أن يجر نفسه بكآبة لمدة خمسين سنة.
اللطف، التأدب، و"الكرامة"
كل رجل، في سريرة نفسه، يعلم أنه قطعة خراء لا قيمة لها. لغرقه حتى أذنه في الحيوانية وعاره العميق من هذا الأمر؛ يرغب، لا في التعبير عن نفسه، بل في إخفاء بدائيته التامة وتمحوره الكلي حول نفسه والكراهية والاحتقار الذين يكنهما للرجال الآخرين، و في التعامي عن ما يعتقده كراهية واحتقاراً يكنونها الرجال الآخرون له؛ وبسبب إمتلاكه جهاز عصبي بدائي فأدنى تعبير عن المشاعر والأحساسيس كفيل بإثارة استياءه، يحاول الذكر تنفيذ قانون "اجتماعي" يكفل الجفاء العاطفي التام، الغير ملطخ بأدنى علامة أو مشاعر أو أراء جارحة. يستخدم مصطلحات ك "الجماع"، " اللقاء الجنسي"، "إقامة علاقة مع" ( بالنسبة للرجال العلاقات الجنسية زائدة عن الحاجة)، يتشح بالآداب المتكلفة من رأسه إلى أخمص قدميه؛ شامبانزى يرتدى سترة.
المال، الزواج والبغاء، العمل والحؤول دون إقامة مجتمع مأتمت
لا يوجد أي سبب انساني لوجود المال أو عمل أي أحد أكثر من ساعتين أو ثلاثة في الأسبوع بأقصى تقدير. كل الأعمال غير الابداعية (أي عملياً، كل الأعمال التي نقوم بها اليوم) كان من الممكن تشغيلها آليا منذ وقت طويل، وفي مجتمع بلا مال بإمكان الجميع الحصول على أفضل ما يريدون الحصول عليه. لكن هناك أسباب لا انسانية، ذكورية للإبقاء على النظام المالى:
1) الفرج: نظراً لكره الرجل لنفسه الناقصة بشدة واجتياح القلق الحاد والوحدة العميقة له ما أن يُترك وحده مع نفسه الفارغة ولرغبته البائسة في ربط نفسه بأي أنثى من أجل الأمل الضعيف لإكمال نفسه، حاملاً داخله ذاك الإعتقاد الروحاني أنه بلمس الذهب سيتحول هو أيضا إلى ذهب، يتوق الذكر لرفقة النساء المستمرة. رفقة أحط الإناث بالنسبة له أفضل من رفقة حاله أو الرجال الآخرون الذين لا دور لهم إلا تذكيره ببشاعته. لكن يجب عليه غصب ورشوة الإناث لكي يتقرب منهن، بإستثناء الصغيرات والمريضات منهن.
2) يوفر النظام المالي للذكر الغير قادر على التواصل مع الآخرين الشعور الموهوم بفائدته، ويجعله قادراً على محاولة إثبات وجوده عن طريق حفر الحُفر ثم ملئهن. وقت الفراغ يرعب الذكر، الذي لن يجد شيئاً آخر غير تأمل ذاته البشعة. فبسبب عدم قدرته على التواصل أو الحب، يجب عليه أن يعمل. تتلهفن الإناث على الأنشطة ذات المغزى، المشبعة عاطفياً، والقادرة كلياً على امتصاص الذات داخلها، لكن لعدم امتلاكهن الفرصة أو القدرة على القيام بذلك، يفضلن الخمول وإضاعة وقتهن بطرق يخترنها بأنفسهن – النوم، التسوق، لعب البولينغ، لعب البلياردو، لعب الورق وألعاب أخرى، التناسل، القراءة، التسكع، الإنغماس في أحلام اليقظة، الأكل، مداعبة أنفسهن، معاقرة الحبوب المخدرة، الذهاب لمشاهدة الأفلام، الذهاب إلى جلسة تحليل نفسي، السفر، تربية الكلاب والقطط، الاسترخاء على الشاطئ، السباحة، مشاهدة التلفاز، الاستماع للموسيقى، تزيين منازلهن، الاعتناء بالحدائق، التطريز، الذهاب إلى الملاهي الليلية، الرقص، القيام بزيارة أحدهم، " تحسين عقولهن" (أخذ دورات دراسية)، تشرب " الثقافة " (بارتياد المحاضرات، المسرحيات، الحفلات الموسيقية، والأفلام الفنية). لذلك، على الرغم من تسليمهن بالمساواة الاقتصادية الكاملة بين الجنسين، تفضل الكثيرات منهن الحياة مع الذكور أو بيع مؤخراتهن في الشوارع، حيث يمكنهن ذلك من امتلاك معظم وقتهن لأنفسهن، على أن يضيعن ساعات كثيرة من حياتهن في القيام بأعمال مملة، متكلفة، لا ابداعية من أجل ربح أحد آخرحيث يعملن لا كحيوانات بل كآلات، أو في أفضل الأحوال – إن تمكن من الحصول على عمل "جيد" – يشاركن في إدارة ركام الخراء. إذن ما سيحرر النساء من تحكم الذكور هو الإلغاء التام لمنظومة المال – العمل، لا تحقيق المساواة الإقتصادية مع الرجال داخلها.
3) السلطة والتحكم. لعدم براعته في علاقاته الشخصية مع النساء، يعوض ذلك النقص عن طريق التلاعب بالمال وكل ما يتحكم به المال، بعبارة أخرى، بكل شيء وبالجميع.
4) البديل للحب. لعدم قدرته إعطاء الحب والعاطفة، يعطي الذكر المال. يجعله هذا يشعر بالأمومة. الأم تمنح الحليب؛ هو يمنح الخبز. هو المعيل.
5) منح الهدف للذكر. لعدم قدرته على الاستمتاع باللحظة الراهنة، يحتاج الذكر إلى شيء يتطلع إليه، والمال يوفر له هدف خالد لا نهائي: فقط فكر بما يمكنك فعله ب 80 تريليون دولار – إستثمره ! و على مدار ثلاثة أعوام سيصبح لديك 300 تريليون دولار !!!
6) توفير حجر الزاوية لوسيلة الذكر الأساسية للتحكم والتلاعب – الأبوة
الأبوة والمرض العقلي (الخوف، الجبن، الخجل، المذلة، انعدام الإحساس بالأمان، السلبية)
تريد الأم الأفضل لأبنائها؛ الأب يريد فقط الأفضل له هو، أي السلام والهدوء، الإيمان المذل بوهم الكرامة ("الاحترام")، انعكاس إيجابي على نفسه (المكانة) وفرصة للتحكم والتلاعب، أو، إن كان أباً "مستنيراً" إعطاء التوجيهات. بالإضافة لذلك، يريد الحصول على ابنته جنسياً – فيعطي يديها للزواج؛ اما عضوها الآخر فهو ملك له. الأب، عكس الأم، لا يمكنه الإنقياض لرغبات أبنائه، لأنه يجب عليه، مهما كلفه ذلك من أمر، الحفاظ على وهم حزمه، قوته، صوابه الدائم وشدته. عدم إنفاذ إرادة المرء تصل به إلى عدم الثقة في قدرته على التعايش مع العالم وإلى قبوله السلبي بالوضع الراهن. الأم تحب ابنائها، على الرغم من غضبها في بعض الأحيان، لكن هذا الغضب يختفي بسرعة بل وحتى إن بقى، لا يستبعد ذلك الحب والتقبل المبدئي. الأب المعاق عاطفياً لا يحب أبنائه؛ هو يرضى عنهم – إن كانوا "جيدين"، يعني هذا، إن كانوا وديعين، محترمين، مطيعين، خاضعين لإرادته، هادئين ولا يتبادر منهم أي تعبير غير مهذب للانفعال الذي قد يكون مزعجاً لجهازه العصبي السهل إثارة اضطرابه – بعبارة أخرى، إن كانوا سلبيين مفعول بهم. إن لم يكونوا "جيدين"، لا يغضب منهم – إن كان أباً حداثياً "متحضراً" (الطراز الذهاني الوحشي أفضل، فإثارته الفطرية للسخرية تسهل من أمر احتقاره) – بل يعبر عن عدم رضاه عنهم، وهي حالة، عكس الغضب، تتحمل وتستبعد التقبل المبدئي، تاركة الطفل لإحساس عدم القيمة والهوس المرضي برضاء الغير عنه مدى الحياة؛ مما يخلق لديه الخوف من التفكير المستقل، لأنه يؤدي إلى اعتناق آراء وانتهاج أساليب حياة غير تقليدية وغير مقبولة.
ليحظى الطفل برضاء أبيه عنه، يجب عليه أن يحترمه، ولأن هذا الأخيرمجرد قمامة، ببقائه متحفظاً وبارداً يضمن احترام ابنائه له، عن طريق التباعد، من خلال العمل بمبدأ "التعود يولد الازدراء" ، وهذا صحيح بطبيعة الحال، إن كان المرء حقيراً. من خلال تحفظه البارد وعدم تورطه النفسي، يستطيع أن يظل مجهولاً، غامضاً، ومن ثم، يستطيع إثارة الخوف " الاحترام" في أبناءه.
عدم استحسان الإنفعالات العاطفية يؤدي إلى الخوف من المشاعر، خوف المرء من مشاعر الغضب والكراهية التي تعتمل داخله. الخوف من الغضب والكراهية المقترنين بعدم ثقة المرء في قدرته على التعايش مع وتغيير العالم، أو حتى تحقيق أدنى تحكم في قدره، يؤدي إلى اعتقاد لاعقلاني بأن العالم وأغلب من فيه من ناس طيبين وأن أكثر وسائل الترفيه عادية وتفاهة، مسليين وممتعين للغاية.
تأثير الأبوة على الذكور، بالتحديد، هو تحويلهم إلى "رجال"‘، أي، كائنات دفاعية بشدة ضد كل الدوافع المؤدية إلى السلبية، الخنوثة، والرغبة في أن يكونوا إناثاً. كل فتى يريد تقليد أمه، أن يصبح أمه، أن ينصهر بها، لكن الأب يمنع ذلك؛ فهو الأم، هو فقط من له أحقية الإنصهار بها. فيقول للفتى، أحياناً بطريقة مباشرة، وأحياناً بطريقة غير مباشرة، ألا يكون مخنثاً، أن يتصرف ك"رجل". الفتى، في خضم خوفه من و"احترامه" لوالده يمتثل، ويصبح مثل أبيه تماماً، هذا النموذج لل"رجولة"، المثل الأعلى الأمريكي – المغفل الغيري ( heterosexual ) حسن السلوك.
تأثير الأبوة على الإناث هو تحويلهن إلى ذكور –أي اعتماديات، سلبيات، مدجنات، حيوانيات، منعدمات الاحساس بالأمان، باحثات عن القبول والحماية، هلوعات، متواضعات، "محترمات" للسلطات وللرجال، منكفئات على أنفسهن، لا يستجبن بشكل كامل إلى البواعث الخارجية، نصف ميتات، تافهات، مملات، تقليديات، مسطحات وجديرات بالاحتقار بشكل تام. ابنة أبيها، دائماً خائفة، قلقة، غير قادرة على تحليل الأمور، تعوذها الموضوعية، تعظم أبيها، وبعد ذلك، رجال آخرين، وتحت تأثير الخوف ("الاحترام") تكون غير قادرة ليس فقط على رؤية القشرة الفارغة المختبئة خلف المظهر الكاذب، لكن أيضاً تتقبل تعريف الذكر لنفسه بالتفوق، أي أنوثته، وتعريفه لها بالدونية، أي ذكورتها، وهي، بفضل تأثير أبيها عليها، تصبح كذلك حقاً.
ازدياد الأبوة، الناتج عن الثراء الزائد والمنتشر الذي تحتاجه لازدهارها، هو ما أدى إلى زيادة الجنون وانهيار النساء في الولايات المتحدة منذ عشرينيات القرن العشرين. وقد أدى الارتباط الوثيق بين الغنى والأبوة ، في معظم الأحيان ، إلى أن يجني ثماره نوع معين فقط من الفتيات، أي فتيات الطبقة المتوسطة "ذوات الامتيازات" و"المتعلمات".
خلاصة القول، تأثير الأباء أدى إلى تآكل العالم بالذكورة. للذكر لمسة ميداس سلبية – كل شيء يلمسه يستحيل إلى خراء.
قمع الفردانية، الحيوانية (التدجين والأمومة)، والوظيفية
الذكر هو مجرد مجموعة من ردود الأفعال المتكييفة، غير قادر على رد فعل عقلي حر؛ فهو مرتبط بمراحل تكييفه الأولى، مسييَر تماماً بتجاربه الماضية. تجاربه السابقة مع أمه، يظل مرتبط بها طول حياته. لا يتضح للذكر أبداً أنه كينونة منفصلة عن أمه ، أي أن هو هو وهي هي.
ولاحتياجه العظيم في أن يتم توجيهه، إيواءه، حمايته وحبه من قبل أمه (يتوقع الرجال من النساء أن يقعن في غرام من ترتعد له فرائصهم – أنفسهم) ومن ثم، لكونه حيواني بالسليقة، يتوق إلى تمضية وقته (هذا إن استثنينا الوقت الذي يمضيه في مقاومة سلبيته) غارقاً في أنشطة حيوانية بدائية – يأكل، ينام، يتبرز، يسترخي بينما تهدهده ماما. ابنة ابيها المدللة، السلبية، الراغبة بشدة لتقبل الناس لها، لربتة على الرأس، لل"احترام" من أي قطعة قمامة تمر في طريقها، سهل إختزالها إلى أم، إلى مجرد منظمة غبية للرغبات الجسدية، واحة استراحة للمحارب المُتعب، حمقاء، محفزة للأنا الجريحة، مُحبة للدميم، زجاجة ماء ساخنة ذات نهدان.
إختزال نساء أكثر شريحة متخلفة في هذا المجتمع – الطبقة المتوسطة المتعلمة ذات الإمتيازات، رمز إنحسار البشرية – إلى حيوانات مما جعل الأب هو السيد الأعلى، كان عميق جداً مما أدى إلى تعود النساء على آلام المخاض ومجالستهن لأطفال يقضمون أثدائهن في البلد الأكثر تقدماً في منتصف القرن العشرين. على الرغم من ذلك، عندما يقول "المختصون" للنساء أن على الأم البقاء في المنزل وإنغماسها الذليل في حمأة الحيوانية، فهذا ليس من أجل الأطفال، لكن من أجل الأب؛ الأثداء ليستند عليها؛ آلام المخاض من أجل تعاطفه وتحمله المتخيل لهما ( لكونه نصف ميت؛ يحتاج الرجل إلى مثير قوي جدا ليستجيب له).
إختزال الأنثى إلى حيوان، إلى أم، إلى ذكر، أمر ضروري لأسباب نفسية وعملية: الذكر مجرد عضو في النوع البشري، قابل للاستبدال بأي ذكر آخر. ليس لديه فردانية عميقة الجذور، فتلك لا تأتي إلا من الأشياء التي تثير اهتمامك، الأشياء التي تقع خارج ذاتك وتمتصك داخلها، أي الأشياء التي تكون في علاقة معها. ومن ثم، لكونهم غارقين في ذاتهم كليةً ولا يستطيعون إقامة علاقة إلا بأجسادهم وإحساساتهم الجسدية، يختلف الذكور عن بعضهم البعض فقط في الدرجة وفي أساليبهم في مقاومة سلبيتهم ورغبتهم في أن يكونوا إناثاً.
فردانية الأنثى، التي يدركها الذكر تمام الإدراك، لكنه لا يستطيع فهمها أو التماهي معها أو استيعابها عاطفياً، ترعبه وتحزنه وتملؤه حسداً. لذلك ينكر فردانية الأنثى ويشرع في تعريف الجميع من زاوية وظيفية بحتة، ويعطي لنفسه بالطبع الوظائف الأكثر أهمية – الطبيب، رئيس البلاد، العالم – وبالتالي يوفر لنفسه هوية ما، وإن لم تكن فردية، ويحاول إقناع نفسه والنساء (لقد حاز نجاحاً باهراً في إقناع النساء) بأن وظيفة الأنثى هي إنجاب وتربية الأطفال وتهدئة، طمأنة وتحفيز أنا الذكر؛ فتكون وظيفياً قابلة للاستبدال بأي أنثى آخرى. في واقع الأمر، وظيفة الأنثى هي أن تتماهى وتستمتع وتحب وتكون نفسها، فهي حقاً غير قابلة للاستبدال بأي أحد آخر؛ على الضفة الأخرى، وظيفة الذكر هي إنتاج الحيوانات المنوية. الآن لدينا بنوكاً للحيوانات المنوية.
في الواقع ، وظيفة الأنثى هي الاستكشاف، الاكتشاف، الابتكار وحل المشاكل، القاء النكات، تأليف الموسيقى – وتحقيق كل ذلك بحب. بعبارة أخرى، خلق عالم سحري.
منع الخصوصية
على الرغم من تمسك الذكر بالخصوصية والسرية في كل جوانب حياته، الا أن نتيجة شعوره بالعار حيال نفسه وقريباً حيال كل شئ يقوم به، ليس لديه أي اعتبار حقيقي للخصوصية. كائن فارغ من الداخل، كينونة غير مستقلة وناقصة، ولعدم امتلاكه نفساً ينشغل بها ولاحتياجه الدائم لرفقة الإناث، لا يرى الذكر أي حرج في أن يتدخل في أفكار أي امرأة، حتى لو كانت غريبة تماماً عنه، في أي مكان وأي وقت، بل ويشعر بالسخط والإهانة إن تم انتقاده لتدخله هذا، فضلا عن شعوره بالحيرة حيال ذلك – لا يمكنه على الإطلاق أن يفهم لماذا يفضل أى أحد ولو دقيقة واحدة من العزلة على رفقة أي غريب أطوار عابر. وبسبب رغبته في أن يصبح امرأة، يسعى جاهداً بأن يكون دائماً بالقرب من الإناث، وهو أقصى ما يمكن أن يصل إليه في محاولته تلك، ولذلك شيد مجتمعاً مكوناً من العائلة – الذكر- الأنثى وأطفالهم ( ذريعة وجود العائلة)، الذين سيعيشون فوق بعضهم البعض، ما يشكل انتهاكاً بلا رحمة لحقوق الإناث وخصوصيتهن وسلامتهن العقلية.
العزلة، الضواحي، والحيلولة دون الحياة الجماعية
مجتمعنا ليس جماعي، بل بالكاد يمكن وصفه كمجموعة من الوحدات الأسرية المنعزلة. لإهتزاز ثقته في نفسه بشكل بائس ولخشيته من أن تتركه امرأته إذا تعرضت لرجال آخرين أولأي شيء يشبه الحياة، يسعى الذكر إلى عزلها عن الرجال الآخرين وعن أي مظهر من مظاهر الحضارة ولو كانت ضئيلة، ولذلك يجلبها إلى الضواحي، فيشكلون مجموعة من الأزواج الغارقين في ذواتهم وأطفالهم. العزلة تمكنه من محاولة الإدعاء بفرديته بتحويله إلى "فرداني أناني"، كائن وحيد، مساوياً بذلك بين عدم التعاون والوحدة وبين الفردانية.
هناك سبب آخر وراء عزلة الذكر: كل رجل هو جزيرة. حبيس نفسه، معزول عاطفياً، غير قادر على التماهي، مرعوب من الحضارة، الناس، المدن، الحالات التي تتطلب القدرة على فهم الناس والإرتباط بهم. فمثل الأرنب الخائف، يهرول مبتعداً، مدحرجاً مؤخرة بابا الصغيرة معه إلى البرية، الضواحي، أو، في حالة الهيبي -- إلى مرعى البقر حيث يمكنه ذلك من ممارسة الجنس والتكاثر دون عائق واللهو بقلادته الخرزية ومزماره.
ال"هيبي"، الذي يرغب بشدة في أن يكون "رجلاً" و"فردانياً أنانياً"، ليس بمثل قوة الرجل العادي، وأيضاً، تستثيره فكرة أن يكون في متناول يديه العديد من النساء، فيثور على قسوة حياة الرجل العامل المعيل وملل الحياة مع امرأة واحدة. باسم المشاركة والتعاون، يشكل كوميونة أو قبيلة، التي، رغم روحها الجماعية، بل جزئياً بسببها، (تعتبر الكوميونة، لكونها عائلة ممتدة، إنتهاكاً واسع النطاق لحقوق المرأة وخصوصيتها.) ليست أكثر جماعيةً من ال"مجتمع" العادي.
الجماعية (community ) الحقيقية تتكون من أفراد – لا مجرد أعضاء في النوع أو أزواج – يحترمون فردية وخصوصية بعضهم البعض، وفي نفس الوقت يتفاعلون مع بعضهم البعض عقلياً وعاطفياً – أرواحاً حرة في علاقات حرة – ويتعاونون معاً لإنجاز أهداف مشتركة. يقول التقليديون أن الوحدة الأساسية في المجتمع هي "الأسرة"؛ ويقول ال"هيبيون" أنها القبيلة؛ لا أحد فيهم يقول أنها الفرد.
يثرثر ال"هيبي" كثيراً عن الفردانية، لكنه ليس لديه مفهوماً لها أكثر من أي رجل آخر. هو يرغب في العودة إلى الطبيعة، إلى البرية، إلى موطن الحيوانات ذات الفراء التي ينتمي إليها، بعيداً عن المدينة، حيث هناك على الأقل علامة، بداية ما للحضارة، ليعيش حياة بمستوى النوع الحيواني، ويشغل وقته بأنشطة بسيطة غير فكرية – الزراعة، المضاجعة، صناعة قلائد من الخرز. النشاط الأهم للكوميونة وركيزتها الأساسية هي الجنس الجماعي. ما يغري ال"هيبي" بالكوميونة على وجه التحديد هو إحتمال وجود الفرج المجاني – السلعة الأساسية التي يتشارك فيها الجميع، أي الحصول عليه بمجرد السؤال عنه، لكن، لأن الجشع يعمي بصيرته، يفشل في توقع وجود الرجال الآخرين الذين يجب عليه مشاركتهم الفروج، أو مشاعر الغيرة والإمتلاك التي تعتمل داخل تجاه الفروج ذاتها.
الرجال غير قادرون على التعاون لتحقيق غاية مشتركة، لأن غاية كل رجل هي الاحتفاظ بجميع الفروج لنفسه. إذن الكوميونة محكوم عليها بالفشل؛ في حالة من الذعر، سوف يقوم كل "هيبي" بإخراج أول ساذجة تعجب به وإرسالها إلى الضواحي بكل ما يستطيعه من سرعة. لا يمكن للذكر أن يتقدم اجتماعياً، يستطيع فقط التقلب ذهاباً وإياباً من العزلة إلى الجنس الجماعي وهكذا دواليك.
المطابقة الاجتماعية
على الغرم من رغبته في التفرد، يخشى الذكر أي شيء في نفسه قد يفرقه ولو قليلاً عن الرجال الآخرين، يجعله ذلك يشك في "رجولته"، في سلبيته وشهويته التامين، وهو شك مزعج جداٌ له. إن كان الرجال الآخرين "أ" وهو ليس كذلك، إذن فهو ليس رجلاً، بل مخنثاً. لذلك يحاول إثبات "رجولته" عبر مماثلته للرجال الآخرين. الاختلاف الذي يحدسه في الرجال الآخرين، وكذلك في نفسه، يهدده؛ يعني هذا انهم مخنثين عليه تفاديهم بأي ثمن، لذلك يحاول ما بوسعه للتأكد من تطابقهم جميعاً.
يجرؤ الذكر على أن يكون مختلفاً في الدرجة التي يتقبل فيها سلبيته ورغبته في أن يكون أنثى، خنوثته. ذروة الاختلاف عند الرجل هي المتشبه بالنساء، ولكن، على الرغم من اختلافه عن أغلب الرجال، فهو مشابه لبقية المتشبهين بالنساء الآخرين؛ كالوظيفي، لديه هوية – هو أنثى. يحاول أن يجد بذلك حلاً واحداً لكل مشاكله – لكنه ما زال بلا فردانية. بسبب عدم اقتناعه الكلي إنه أنثى وتشككه المستمر حيال هذا الأمر، يمتثل بشكل إلزامي إلى الصورة النمطية التي صنعها الرجال عن النساء، ليصبح مجرد مجموعة من التصرفات المتكلفة لا غير.
ليتأكد من رجولته، يجب على الذكر أن يبذل قصارى جهده ليجعل من الأنثى "امرأة" بشكل واضح، أى المقابل التام ل"الرجل"، ويعني هذا أن تتصرف الأنثى كالمخنث. ابنة أبيها، تلك التي انتزع منها غرائزها الأنثوية انتزاعاً منذ نعومة أظافرها، تتكيف بسهولة وإلزام مع هذا الدور.
السلطة والحكومة
غير قادر على التمييز بين الصواب والخطأ، فاقد للضمير، الذي ينمو فقط من القدرة على التعاطف مع الآخرين... منعدم الثقة في نفسه الغير موجودة أصلاً، صاحب حس تنافسي غير مبرر، ولكونه بالسليقة غير قادر على التعاون، يشعر الذكر بحاجة إلى التوجيه والتحكم الخارجيين. لذلك خلق السلطات – كهنة، خبراء، زعماء، قادة، إلخ – والحكومة. راغب في أن توجهه الأنثى (الأم)، لكن غير قادر على تقبل هذه الحقيقة ( فهو، في نهاية المطاف، رجل)، راغب في لعب دور المرأة، لذلك من أجل الإستيلاء على وظيفتها كموجهة وحامية ، يقوم بما في وسعه لكي تكون كل السلطات في حوذة الذكر.
لا يوجد سبب لمجتمع مكون من كائنات عقلانية قادرة على التعاطف مع بعضها البعض وكاملة ولا تحتاج إلى التتنافس فيما بينها، أن يكون لديه حكومة، قوانين أو قادة.
الفلسفة، الدين والأخلاق المؤسسة على الجنس
عجز الذكر عن التواصل مع أي احد أو أي شيء يجعل حياته بلا هدف أو معنى (أقصى ما توصلت إليه قريحته هو فكرة عبثية الحياة)، ولهذا اخترع الفلسفة والدين. بسبب فراغه، يبحث خارج ذاته، ليس فقط على التوجيه والتحكم، لكن أيضاً على الخلاص ومعنى الحياة. ولأن السعادة بالنسبة له مستحيلة على هذه الأرض، اخترع الجنة.
بالنسبة للرجل، بسبب عدم قدرته على التعاطف مع الآخرين ولكونه كائناً جنسياً تماماً،ال"انحراف الأخلاقي" بالنسبة للرجل هي كل "إباحة" جنسية والانغماس في ممارسات جنسية "منحرفة" ("غير رجولية")، أي عدم مقاومته لسلبيته وجنسانيته الكلية التي، إن انغمس فيها، ستدمر ال"حضارة"، حيث أن "الحضارة" مؤسسة كلية على حاجة الذكر لحماية نفسه من تلك الخصال. بالنسبة للمرأة (وفقاً للرجال)، ال"الانحراف الأخلاقي" هو أي سلوك يغوي الرجال على "الإباحة" الجنسية – بعبارة أخرى، تمنعها عن تقديم حاجة الذكر على حاجتها ورفضها التصرف كخنثة.
لا يوفر الدين للذكر هدفاً (الجنة) ويساعده على إبقاء النساء تحت تصرفه فحسب، لكن أيضاً يقدم له طقوساً يحاول عبرها التكفير عن الذنب والعار الذي يشعر بهما حيال عدم مقاومته لغرائزه الجنسية؛ أي جوهرياً، الذنب والعار الذي يشعر به حيال كونه ذكراً.
أغلب الرجال، جبناء بالسليقة، يسقطون نقاط ضعفهم المتأصلة على النساء، يعتبرونها نقاط ضعف أنثوية ويصدقون أن لديهم هم نقاط قوة أنثوية؛ أغلب الفلاسفة، أقل جبناً، يواجهون حقيقة وجود النقص في الرجال، لكن ما زالوا غير قادرين على مواجهة حقيقة وجودها في الرجال فقط. فيسمون الوضع الذكري بالوضع البشري، ويجعلون من مشكلة العدم خاصتهم، التي ترعبهم، معضلة فلسفية، وبالتالي يعطون لحيوانيتهم مكانة، وبرطانة متحزلقة يصنفون عدمهم ب"مشكلة الهوية"، ويشرعون بعجرفة في الثرثرة عن "أزمة الفرد"، " جوهر الوجود"، "أسبقية الوجود على الماهية " أنماط الكينونة"، إلخ، إلخ.
المرأة لا تعتبر هويتها وفردانيتها أمراً مسلماً به فحسب، بل تعلم بشكل غريزي أن الخطأ الوحيد هو إلحاق الأذى بالآخرين، وأن معنى الحياة هو الحب.
التعصب (العرقي، الإثني، الديني،إلخ)
يحتاج الذكر إلى أكباش فداء يسقط عليهم إخفاقاته وأوجه قصوره وينفس فيهم إحباطه لأنه لم يولد أنثى. ولنظم التمييز التي تنوب عن تلك الحاجة ميزة عملية تتمثل في زيادة فرص استحواذ الرجال المتربعون على قمة هرم السلطة على أكبر عدد من الفروج المتاحة.
التنافس، الجاه،المكانة، التعليم النظامي، الجهل والطبقات الاجتماعية والاقتصادية
نظراً لرغبته المهووسة في نيل إعجاب النساء، لكن بلا امتلاكه لقيمة جوهرية، يشيد الذكر مجتمعاً فائق الإصطناع يتيح له امتلاك مظهر القيمة عن طريق المال، الجاه، الطبقة الإجتماعية "العليا"، الشهادات التعليمية، المهن والمعرفة، وعن طريق دفع أكبر عدد ممكن من الرجال الآخرين إلى الإنحدار مهنياً واجتماعياً واقتصادياً و تعليمياً.
ليس الغرض من التعليم "العالي" هو التعليم في ذاته ولكن استبعاد أكبر عدد ممكن من الناس من سوق العمل.
الذكر، كائن جسدي تماماً، غير قادر على إقامة علاقة عقلية، على الرغم من قدرته على فهم واستخدام المعرفة والأفكارلا يستطيع التواصل معهم أو ايستيعابهم عاطفياً: هو لا يقدر المعرفة والأفكار لذاتهما ( هم فقط وسيلة لغاية )، وبالتالي، لا يشعر بالحاجة إلى الرفقاء العقليين أو في إثمار الإمكانات الفكرية للآخرين. على العكس من ذلك، للذكر مصلحة خاصة في الجهل؛ فهي تعطي للقلة القليلة من الرجال العالمين أفضلية حتمية على من لا يعلمون، وبالإضافة إلى ذلك، يعرف الذكر حق المعرفة أن وجود أنثى مستنيرة واعية سيعني نهايته. الأنثى السوية الواثقة في نفسها تريد مرافقة قرناء متساويين معها يمكنها أن تحترمهم و تتمسك بهم؛ اما الذكر المريض، القلق، الغير واثق في نفسه، فيتطلع إلى مرافقة الديدان.
لايمكن لثورة حقيقية أن تحدث عن طريق الذكر، فالذكر الذي يعتلي القمة يريد الحفاظ على الوضع الراهن، وكل ما يريده الذكرالقابع في الأسفل هو أن يحصل بدوره على مكانه في قمة الهرم. الذكر ال"متمرد" هو أكذوبة؛ هذا هو "مجتمع" الذكر، الذي صنعه لتلبية احتياجاته. هو لا يرضا أبداً ، لأنه ليس في مقدوره أن يكون راضياً. وفي نهاية المطاف، فإن ما يتمرد عليه الذكر "المتمرد" هو ذكورته. الذكر يتغير فقط إن أجبرته التكنولوجيا على ذلك، أي عندما لا يكون لديه خيارفي الأمر، عندما يصل ال"مجتمع" إلى المرحلة التي ترغمه فيها إما على التغيير أو الموت. نحن الآن في هذه المرحلة قد نموت جميعاً إن لم تمتلك النساء زمام الأمور.
إعاقة المحادثة
بسبب تمحور الذكر التام حول ذاته وعجزه عن التواصل مع أي شيء خارجه، تكون "محادثته"، إن لم تكن بالكلية عن نفسه، فهي مجرد ثغاء أجوف، لا يمت بصلة لأي قيمة بشرية. مناقشات الذكر"الفكرية" هي محاولة وسواسية قهرية مرهقة منه لإثارة إعجاب الأنثى.
ابنة أبيها، السلبية المتكيفة، المحترمة والمنبهرة بالذكر، تسمح له بأن يفرض عليها ثرثرته البشعة المملة. هذا ليس بالصعب عليها. فبسبب توترها وقلقها، عدم محافظتها على رباطة جأشها، إحساسها باللا أمان ولا ثقتها في نفسها أو تأكدها من مشاعرها الخاصة والأحاسيس التي غرسها فيها الأب، يصبح إدراكها سطحياً وتصبح غير قادرة على رؤية ثرثرة الرجل كمجرد ثرثرة، فمثل شخص شغوف بالفن "يقدر" الهراء المصنف ك"فن راقي"، يخيل إليها أن ما يثير ضجرها شيئاً ممتعاً. هي لا تكتفي بالسماح لثرثرته بالسيطرة فحسب، بل وتكيف"محادثتها" الخاصة وفقاً لها.
مدربة منذ نعومة أظافرها على اللطف، دماثة الخلق، و"الكرامة"، على الخضوع لحاجة الذكر في إخفاء حيوانيته، نتيجة لذلك تختزل الأنثى "محادثتها" الخاصة إلى محادثات صغيرة، أي تفادي غير واضح لأي موضوع يتجاوز التافه تماماً، - أو "تلقن" المناقشات "الفكرية"، بمعنى، المناقشة الموضوعية في إلهاءات غير مهمة – كالإنتاج الإجمالي القومي ، السوق المشتركة، تأثير رامبو علي الرسم الرمزي. بفضل تمرسها الشديد في تملق الرجال، يصبح ذلك كالطبيعة الثانية لها، وتستمر فى ممارسته حتى مع إناث أخريات.
وبصرف النظر عن التملق، فإن "محادثتها" محدودة أكثر بسبب قلقها بشأن التعبيرعن أراء منحرفة ومبتكرة والتمحور حول الذات القائم على عدم الثقة في النفس الذي يقتل أي جاذبية في حديثها. فاللطف، دماثة الخلق، "الكرامة"، انعدام الشعور بالأمان و التمحور حول الذات لا تفضي إلى الحدة و الذكاء، صفات يجب أن تتحلى بها المحادثة لتكون جديرة بذلك الاسم. مثل هكذا محادثة ليست منتشرة، فقط الإناث الواثقات في أنفسهن تماماً، المتغطرسات، المرحات، الفخورات و صارمات العقل هن وحدهن القادرات على المحادثة المثيرة، المشاكسة والذكية.
الحد من الصداقة (الحب)
يحتقر الرجال أنفسهم، الرجال الآخرين الذين يتأملوهم باستمرار ولا يعتقدون بأنهم إناثاً،( محللو النفس "المتعاطفون" و"الفنانون الراقون" على سبيل المثال) أو ممثلون للإله وكل النساء اللاتي يكنن لهم احتراماً ويبذلن لهم كل تملق: الإناث المهزوزات، الباحثات عن القبول، المتلمقات يحتقرن أنفسهن وجميع النساء الشبيهات لهن: الإناث الكاملات في أنوثتهن الواثقات من أنفسهن، المـرحات، الباحثات عن الإثارة يحتقرن الرجال والنساء المتلمقات للذكور. بإختصار، الاحتقار هو النظام السائد في المجتمع.
الحب ليس الاعتمادية أو الجنس، بل الصداقة، ومن ثم لا يمكن للحب أن يوجد بين ذكرين، بين ذكر وأنثى، بين أنثتين واحدة منهن أو كلتيهما متملقات للذكور، غير واثقة في نفسها ولا عقلانية؛ فمثل المحادثة، لا يمكن للحب أن يوجد إلا بين أنثتين حرتي الإرادة و مستقلتين، بما أن الصداقة تقوم على الاحترام، لا الاحتقار.
نادراً ما تطرأ الصداقة في سن الرشد حتى بين الإناث الكاملات، لأن أغلبهن تقريبا يرتبطن بالرجال من أجل البقاء إقتصادياً، أو يكن منشغلات بإجتياز الغابة ومحاولة حماية أنفسهن من المخاطر. لا يمكن للحب أن ينمو في مجتمع مؤسس على المال والعمل اللا معنى له: فالحب يتطلب حرية إقتصادية وشخصية كاملة، وأوقات فراغ، والفرصة للخوض في أنشطة مثيرة ومرضية عاطفياً، تؤدي عند مشاركتها مع من تحترمهم إلى صداقة عميقة. عملياً لا يوفر "مجتمعنا" أى فرصة للخوض في مثل تلك الأنشطة.
بعد أن جرد العالم من المحادثة، الصداقة والحب، يقدم لنا الذكر هذه البدائل التافهة:
"الفن الراقى" و"الثقافة"
يحاول الفنان الذكر حل معضلته في عدم القدرة على العيش، أو عجزه في أن يصبح أنثى، عبر صنع عالم فائق الاصطناعية حيث يكون فيه هو البطل، أي، حيث يدعي لنفسه امتلاكه خصال أنثوية، بينما تختزل الأنثى في أدوار ثانوية تافهة فائقة المحدودية، أي، تصبح ذكراً.
هدف الذكر "الفني" ليس التواصل (بما إنه خاوىاً من أي شيء داخله فلا يوجد لديه أى شيء ليقوله)، بل إخفاء حيوانيته، ومن أجل تحقيق ذلك يلجأ إلى الرمزية والغموض ("العمق"). أغلب الناس، وبخاصة "المتعلمون" فاقدو الثقة في ملكة حكمهم، المتواضعون والمحترمون للسلطلة ("الأب يعلم الأصلح")، يسهل خداعهم بالإعتقاد في أن الغموض، المراوغة، الإبهام، عدم المباشرة، الالتباس والملل هم علامة من علامات العمق والعبقرية.
"الفن الراقى" يثبت تفوق الرجال على النساء، يثبت أن الرجال هم نساء، إلى حد كبير كل هذا الفن المصنف ب"الفن الراقي" كما يحب أن يذكرنا به مناهضوا النسوية، ابدعه رجال. نحن نعلم أن "الفن الراقي" يلقب بهذا الوصف فقط لأن هذا ما قررته لنا سلفاً السلطات الذكورية، ولا يمكننا إدعاء العكس، بالتأكيد فقط من يملكون حساسية أكثر منا يمكنهم إدراك وتقدير هذا الخراء الذي يرونه حفياً بالتقدير.
تقدير الفن هو التسلية الوحيدة لل"مثقفين"؛ سلبيين وغير أكفاء، يعوزهم الخيال والذكاء، لذلك عليهم أن يحاولوا التصرف بما تكفله لهم إمكانياتهم؛ ولأنهم غير قادرون على خلق لهوهم الخاص، أو خلق عالم صغير يخصهم يؤثر ولو بضآلة على بيئتهم، عليهم القبول بقليلهم؛ ولأنهم غير قادرون على الخلق أو التماهي، يكتفون بالمشاهدة. تشرب "الثقافة" ما هو إلا محاولة بائسة مسعورة للإستمتاع بعالم غير ممتع، محاولة للهرب من رعب وجود عقيم ولاعقلانى. توفر ال"ثقافة" دغدغة لأنا الغير كفؤ، وسيلة لعقلنة المشاهدة السلبية؛ هنيئاً لهم التشدق بقدرتهم على تقدير الأشياء "الأرقى" ورؤية الجوهرة المكنونة في ما هو ليس إلا روثاً محض (مجرد وسيلة يرغبون بها أن يكونوا محط الإعجاب). غير واثقون في قدرتهم على تغيير أى شيء، مستسلمون للوضع الراهن، لامفر إذن في أن يجدوا الجمال في الروث، لأن بقدر ما يمكنهم رؤيته، الروث هو الشيء الوحيد المتاح لهم.
تبجيل "الفن" و"الثقافة" - إلى جانب توجيهه للعديد من النساء إلى أنشطة سلبية ومملة تصرف النظر عن الأنشطة الأكثر أهمية وفائدة وفاعلية، يؤدي إلى تسرب أطروحات متعجرفة عن الجمال العميق للعمل الفلاني إلى حساسيتنا. يتيح ذلك لل"فنان" أن يظهر بسمت المتفوق من ناحية المشاعر، الإدراك، البصيرة وملكة الحكم، مما يلعب دوراً في اهتزاز ثقة النساء ضعيفات الشخصية بقيمة وصحة مشاعرهن، إدراكهن، بصيرتهن وملكة حكمهن.
لامتلاك الذكر مجموعة محدودة جداً من المشاعر، وبالتبعية إدراك وبصيرة وملكة حكم محدودين للغاية، يحتاج إلى ال"فنان" ليرشده، ليقول له ما تنطوي عليه الحياة. لكن لأن ال"فنان" الذكر جنسي للغاية ولا يستطيع التواصل مع اي شيء بعيداً عن أحاسيسه الجسدية، ولأنه ليس لديه ما يعبر عنه بإستثناء ما توصلت إليه بصيرته من لامعنى وعبثية الحياة، فلذلك لا يمكن للذكر أن يكون فناناً. كيف يتسنى لمن لا يستطيع الحياة أن يعبر لنا عن ماهيتها؟ "الفنان الذكر" ما هو إلا تناقض إصطلاحي. المنحل لا يمكنه إلا إنتاج "فناً" منحلاً. الفنان الحقيقي هو كل أنثى واثقة في نفسها ذات صحة جيدة، وفي مجتمع أنثوي الفن الوحيد، الثقافة الوحيدة، لن يكون إلا إبداع إناث واثقات في أنفسهن، فطنات ورائعات يستمتعن ببعضهن البعض وبكل شيء في الكون.
الجنسانية
الجنس ليس جزء من العلاقة العاطفية: على العكس، إنها تجربة إنعزالية، تفتقر للإبداع، وفي المجمل مضيعة هائلة للوقت. من السهل على الأنثى – أسهل مما يمكنها تخيله – التخلي عن دافعها الجنسي، مما يجعلها هادئة وعقلية تماماً وحرة في الدخول في علاقات والقيام بأنشطة نبيلة حقاً؛ لكن الذكر، الذي يبدو عليه إنجذابه الجنسي للنساء والذي يسعى سعياً حثيثاً في إثارتهن جنسياً دائماً، يقوم بتحفيز الأنثى المهتاجة جنسياً إلى سعار شبقي، مٌلقياً بها في قفص جنسياً قلما إستطاعت النساء الخروج منه. يثير الذكر الماجن الأنثى الشهوانية جنسياً؛ لا خيار له سوى فعل ذلك – لو تجاوزت الأنثى جسدها وارتفعت على حيوانيتها سيختفي الذكر نظراً لتمحور أناه حول ايره.
الجنس هو موطن الحمق. كلما كانت المرأة حمقاء كلما اندمجت في"ثقافة" الذكر. بإختصار، كلما كانت لطيفة كلما كانت جنسية. ألطف النساء في "مجتمعنا" هن كائنات هاذيات مهووسات بالجنس. لكن نظراً للطفهن المفرط عن حده، لا يسقطن في وحل المضاجعة – فهذا فظ – بل يمارسن الحب، يتواصلن بأجسادهن ويقمن علاقات حسية؛ صاحبات الحس الأدبي يتجاوبن مع نغم إيروس ويملكن الكون في قبضتهن؛ المتدينات منهن يقمن بعلاقة روحية مع الحسية الإلهية؛ الصوفيات يندمجن مع المبدأ الإيروتيكي ويختلطن بالكون، ومعاقرات "الآسيد" يتواصلن مع خلاياتهن الإيروتيكية.
على الجانب الآخر، هؤلاء الإناث الغير مندمجات مع "ثقافة" الذكر، الأقل لطفاً، ذوات الأرواح الفجة والبسيطة اللاتي لا يرين أى شيء في المضاجعة عدي المضاجعة، الطفوليات جدا على عالم البالغين هذا، عالم الضواحي، الرهانات العقارية، مماسح الأرضيات وخراء الأطفال. الأنانيات جدا على تربية الأطفال والأزواج، قليلات التحضر كي يأبهن بأراء أي أحد فيهن، المغرورات جدا كي يحترمن الأب وحكمة القدماء العميقة أو "العظيمة"، اللاتي لا يثقن إلا في غرائزهن الحيوانية الداخلية، من يساوين الثقافة بالنساء باهرات الجمال، من لا يجدن متعة إلا في الطواف في الطرقات بحثاً عن الإثارة العاطفية، القادرات على القيام ب"مشاهد" مزعجة ومقرفة في فورة غضب، تلك العاهرات الكارهات العنيفات القادرات على تكسير أسنان أي احد يقوم بإزعاجهن بلا مبرر، من يلطخن صدر رجل بالخراء أو يقمن بحشر معول ثلج في مؤخرته حالما تقع نظراتهن عليه إن تأكدن إنهن يأمن العقوبة، بإختصار، هؤلاء اللاتي يُعتبرن بمعايير "ثقافتنا" حثالة... تلك الإناث الرائعات ذوات الطبيعة العقلية نسبياً واللاجنسيات المعتزلات للمجتمع.
لا تعيقهن الملكية، اللطافة، التحفظ، الرأي العام،"الأخلاق" واحترام السفلة؛ غير تقليديات دائماً، قذرات، مشاغبات وصاحبات خبرة جنسية منقطعة النظير... فلقد شاهدن العرض كله – كل جزء فيه – مشاهد المضاجعة، مشاهد السحاق – لقد وقفن على كل ضفة وخضن في غمار كل مرفأ و جسر – مرفأ القضيب، مرفأ الفرج... فلكي يكون المرء معادياً للجنس عليه أن يغوص أولاً في حمأته حتى النخاع، والحثالة قد خضن غمار كل هذا الوحل، و الآن هن مستعدات لعرض جديد؛ يردن الخروج من المرفأ والغطس في الماء لعبور الجانب الآخر. لكن الحثالة لم ينتصرن بعد؛ مازلن في قاع "المجتمع"، الذي، إن لم ينحرف عن مساره الحالي أو تسقط عليه القنبلة سينتهي به الأمر إلى مضاجعة نفسه حتى الموت.
الملل
الحياة في مجتمع مصنوع من قبل ومن أجل كائنات، حين لا يكونون كئيبون ومحبطون يكونون في أفضل الأحوال مملون حتى الموت، لا يمكنها إلا أن تكون مملة حتى الموت، حين لا تكون كئيبة ومحبطة.
السرية ، الرقابة، قمع المعرفة والأفكار، والفضائح
أخشى ما يخشاه الذكر،من أعماق أعماقه، خوفه السري والأبشع، هو أن يفضح أمره في كونه ليس أنثى بل ذكراً، حيواناً شبه بشري. على الرغم من أن اللطف ودماثة الخلق و"الكرامة" تكفي لمنع افتضاح أمره على المستوى الشخصي، إلا أنه لكي يحول دون افتضاح أمر جنسه بشكل عام ولكي يحافظ على موقعه المهيمن الغير طبيعي في "المجتمع"، عليه أن يلجأ إلى:
1) الرقابة: عبر الإستجابة الغريزية لأعمال وألفاظ منعزلة عوضاً عن الإستجابة الفكرية العقلية للمعاني العامة، يحاول الذكر أن يعرقل تحفيز وكشف حيوانيته لا فقط بالاكتفاء بمنع "الاباحية "، لكن أيضا بمنع أي عمل يحتوي على ألفاظ "قذرة" مهما كان السياق المستخدمة فيه.
2) قمع كل الأفكار والمعرفة التي قد تؤدي إلى افتضاح أمره أو تهدد موقعه المهيمن في "المجتمع": الجم الكثير من المعلومات البيولوجية والنفسية تم قمعها، لأنها الدليل على دونية الذكر الجسيمة في مقابل الأنثى. بالمثل، لن يتم حل مشكلة المرض العقلي طالما ظل الذكر هو المتحكم، لأن أولاً، لدى الرجال مصلحة راسخة في ذلك – لا يسمح للذكور بأقل قدر من السيطرة إلا الإناث اللاتى لا يملكن سوى النذر اليسير من قواهن العقلية، و ثانيا، لا يستطيع الذكر الاعتراف بالدور الذي تلعبه الأبوة كمسبب للأمراض العقلية.
3) الفضائح: لذة الذكر القصوى في الحياة – بالقدر الذي يمكننا أن نعزو للذكر المتوتر والكئيب الشعور باللذة تجاه أي شيء على الإطلاق – هي فضح الآخرين. لا يهم بالكثير أو القليل ما هو موضوع الفضيحة، طالما ظلت الفضيحة قائمة؛ ذلك يصرف الانتباه عن الذكر. كشف عمالة الآخرين للعدو (الشيوعيون والإشتراكيون) تعتبر واحدة من تساليه المفضلة، فهي لا تزيل مصدر التهديد عنه فقط، لكن أيضا عن الوطن والعالم الغربي. فبالتأكيد الحشرات المحشورة في مؤخرته ليست من عندياته، بل من عند روسيا.
الارتياب
لا يمتلك الذكر حساً بالتنافس المنصف بسبب عدم مقدرته على التعاطف والشعور بالمودة والوفاء، ووجوده في هذا العالم فقط من أجل نفسه؛ وبسبب جبنه الفطري واحتياجه الدائم إلى تملق الأنثى ليحصل على قبولها، التي هو من دونها بلا جدوى ولأن وجوده الدائم على حافة التوتر خوفاً من افتضاح أمر حيوانيته وذكورته واحتياجه الدائم إلى الاختباء، يجب عليه أن يكذب باستمرار؛ ولكونه مجوفاً من الداخل فهو لا يعرف الشرف أو النزاهة – هو لا يفهم معناهما. الذكر، بإختصار، هو خائن، والأسلوب السلوكي الوحيد المناسب في "مجتمع" ذكوري هو الكلبية (cynicism) والارتياب.
القبح
نظراً لطبيعته الجنسية التامة، عدم قدرته على الإستجابة العقلية والجمالية، ماديته وجشعه الشديدين، الذكر، بالإضافة إلى تلطيخه للعالم ب "الفن الراقى"، قد زين المشاهد الطبيعية لمدنه بأبنية قبيحة (داخلياً وخارجياً)، بالديكور القبيح ولوحات الإعلانات ، والطرق السريعة ، والسيارات، وشاحنات القمامة ، والأهم من ذلك، بنفسه العفنة.
الكراهية والعنف
الذكر معذب بالتوتر والإحباط لعدم كونه أنثى ولعدم قدرته على الوصول إلى أي رضاء أو لذة مهما كان نوعهما؛ لذلك تقتات الكراهية من لحمه الحي – ليست كراهية عقلانية موجهة تجاه من يسيئون معاملتك أو يهينونك – لكن كراهية لاعقلانية وبلا تمييز... كراهية، في العمق، لذاته منعدمة القيمة.
العنف المجاني، بالإضافة إلى إثبات "رجولته" من خلاله، يعمل كمَنفَذ لكراهيته، وبالإضافة إلى ذلك – بسبب إستجابته الجنسية واحتياجه إلى محفزات قوية جدا لأداء هذا الغرض – يوفر له القليل من التشويق الجنسي.
المرض والموت
كل الأمراض قابلة للشفاء، الشيخوخة والموت سببهما المرض؛ من الممكن إذن ألا نشيخ أبداً ونعيش إلى الأبد. في الواقع مشاكل الشيخوخة والموت يمكن حلهم في غضون سنين قليلة، إن قمنا بإحاطة علمية كاملة شاملة بالمشكلة برمتها. ولكن هذا لن يحدث مع المؤسسة الذكورية للأسباب التالية:
- العديد من العلماء الذكور يتحاشون البحث البيولوجي رعباً من إكتشاف أنوثة الذكور ويظهرون تفضيلاً ملحوظاُ لمشاريع الحرب والموت الفحولية "الرجولية".
- ثني العديد من العلماء المحتملين عن المهن العلمية عن طريق صرامة، ملل، التكلفة المرتفعة، إستهلاك الوقت الكثير والإقصاء غير العادل لنظامنا التعليمي "العالي".
- الدعاية المنشورة من قبل ذكور محترفين غير واثقين بأنفسهم، يحرسون مواقعهم بغيرة، حتى لا يفهم إلا عدد قليل من النخبة المختارة بعناية المفاهيم العلمية المجردة.
- عدم ثقة بالنفس متفشية بسبب النظام الأبوي الذى يثني الكثير من الفتايات الموهوبات عن أن يصبحن عالمات.
- غياب الأتمتة. الآن توجد ثروة معلوماتية من الممكن، بعد ترتيبها وربطها بعضها ببعض، أن تكتشف علاج للسرطان ولأمراض عديدة أخرى وربما سبر غور مفتاح الحياة نفسه. لكن المعلومات لشدة ضخامتها تستلزم منا اللجوء إلى حواسيب آلية فائقة السرعة للربط بينهم. سيؤجل نظام حكم الذكر إنشاء الحواسيب إلى أجل غير مسمى، لرعبه من احتمالية استبدال المكن له.
- حاجة النظام المالي الجامحة للمنتجات الجديدة. معظم العلماء القليلون الذين لا يسخرون علمهم في برامج الموت مقيدون بالقيام بالأبحاث من أجل الشركات الخاصة.
- الذكر يحب الموت - الموت يثيره جنسياً، ولأنه ميتاً بالفعل داخلياً، يتمنى الموت.
- انحياز النظام المالى للعلماء الأقل إبداعاً. معظم العلماء يأتون من عائلات غنية نسبياً على الأقل حيث يسود الأب بلا منازع.
نظراً لعدم قدرته على الشعور بالسعادة، التي هى الشيء الوحيد الذي يمكن أن يبرر وجود المرء، يكون الذكر في أفضل الأحوال مرتخياً، مرتاحاً، حيادياً، وهكذا وضع ينتهي حالما يتبعه الملل، وهي حالة سلبية؛ لذلك هو محكوم عليه بحياة من المعاناة لا تخفف إلا بلحظات الاسترخاء الخاطفة من وقت لآخر، وهي حالة لا يمكنه الوصول إليها إلا على حساب الأنثى. الذكر بالفطرة علقة مصاصة للدماء، جرثومة عاطفية، وبالتالي ليس لديه حقاً أخلاقياً في الحياة، فلا أحد لديه حقاً فى حياة على حساب أحد آخر.
كما أن للبشر حقاً ما قبلياً في الوجود على الكلاب نظراً لتطورهم وامتلاكهم لوعي متفوق، بالمثل للنساء حقاً ما قبلياً للوجود على الرجال. نتيجة لذلك، يصبح القضاء على أي ذكر عمل صالح وجيد، عمل يصب في مصلحة النساء بدرجة عالية فضلاً عن كونه نوعاً من أنواع الرحمة.
لكن ستختزل تلك المسألة الأخلاقية إلى مسألة أكاديمية بحتة بفضل تدمير الذكر الذاتي لنفسه تدريجياً. فبالإضافة إلى إشتراكهم في حروب تاريخية تليدة واضطرابات عرقية، يصبح الرجال يوماً بعد يوم إما مثليين أو مدمنين للمخدرات. في نهاية المطاف ستسيطر الأنثى تماماً على كل شئ شاءت ذلك ام أبت، ليس لها خياراً في هذا – لأسباب عملية، سيفنى الذكر آجلاً أو عاجلاً.
ما يسرع من وتيرة تلك الظاهرة هو حقيقة أن الكثير من الذكور يكتسبون حساً بالمصلحة المستنيرة؛ يكتشفون أن مصلحتهم ومصلحة الإناث واحدة وأنهم لن يستطيعوا الحياة إلا من خلال الأنثى وكلما شُجعت الأخيرة على الحياة وتحقيق ذاتها وأن تكون أنثى لا ذكراً، كلما بالكاد يعيش هو؛ أصبح يدرك أنه من الأسهل عليه والأكثر إشباعاً له أن يعيش من خلالها عوضاً عن محاولته أن يصبح واحدة ويغتصب منها خصائصها ويدعي إختصاصه بهم وينزل بالأنثى إلى أسفل السافلين بإدعاءه أنها ذكر. المثلي المتقبل لذكورته، أي سلبيته وجنسانيته التامة وأنثويته، سيكون بحال أفضل أيضاً إن أصبحت النساء إناثاً حقاً، لأن حينها سيصبح من السهل عليه أن يكون ذكراً أنثوياً. إن كان الرجال حكماء لحاولوا أن يكونوا إناثاً حقاً، و لقاموا بأبحاث علمية بيلوجية مكثفة تؤدي إلى تحولهم الكامل نفسياً وجسمانياً إلى نساء عبر عمليات جراحية بالمخ والجهاز العصبي.
ستكون أيضاً مسألة أكاديمية إشكالية البقاء عن طريق الإعتماد على الإناث من أجل التناسل أو اللجوء إلى المعامل لهذا الغرض: ماذا سيحدث عندما تأخذ كل أنثى في الثانية عشرة وصاعداً حبوب منع الحمل بشكل روتيني ولا يعد هناك حالات إنجاب دون قصد؟ كم عدد النساء اللاتي سيصبحن حوامل أو يبقين كذلك (في حالة الحمل الخطأ)؟ لا يا فيرجينيا، النساء لا يعشقن أن يكن حاضنة إنتاج للذرية، على الرغم مما تقوله جحافل النساء الحمقاوات المغسولات الدماغ. عندما يتألف المجتمع من النساء الواعيات تماماً، حينها فقط ستكون الإجابة هي بالنفي. هل يجب تسخير جزء من الرجال بالقوة ليصبحوا حواضن إنتاج للذرية ؟ بالتأكيد لا. الإجابة هى الإنجاب الاصطناعي للأطفال في المعامل.
فيما يتعلق بمسألة إنجاب الذكور أو عدم إنجابهم. وجود الذكر بيننا، مثل المرض، لا يعني أنه عليه الإستمرار في البقاء. عندما يكون التحكم الجيني ممكنا – وهذا سيحدث قريباً– من نافل القول أنه ينبغي علينا حينئذ أن ننتج فقط كائنات كاملة، خاليون من العيوب وأوجه القصو، لا سيما العيوب العاطفية كالذكورة. فكما أن الإنجاب العمدي للعميان سيكون لا أخلاقياً، كذلك سيكون شأن الإنجاب العمدي للمعاقين عاطفياً.
ولماذا ننجب حتى الإناث؟ لماذا يجب أن تكون هناك أجيال قادمة؟ ما هو الغرض من ذلك؟ حين يتم القضاء على الشيخوخة والموت لماذا نستمر في التناسل؟ لماذا يجب أن نهتم بما سيحدث بعد موتنا؟ لماذا يجب أن نهتم بأنه لن يوجد جيلاً أصغر ليخلفنا؟
في نهاية المطاف سيؤول المسار الطبيعي للأحداث والتطور الإجتماعي إلى تحكم الأنثى في العالم، ولاحقاً، إلى التوقف عن إنجاب الذكور، وفي النهاية، التوقف عن إنجاب الإناث.
لكن الحثالة لا تطيق صبراً؛ لا تواسيهن فكرة ازدهار الأجيال القادمة؛ يريدن الحثالة الحصول على حياة مثيرة لهن وعندما تصبح الأغلبية العظمى من النساء حثالة سيتمكن من التحكم الكامل بهذا البلد في غضون عدة أسابيع فقط عن طريق الإنسحاب من القوة العاملة، ومن ثم شل حركة البلاد بأسرها. من التدابير الإضافية التي يمكنها أن تكون كافية لزعزعة الإقتصاد وكل شيء آخر، هو أن يقمن النساء بالإنسحاب من النظام المالي، يتوقفن عن الشراء، يكتفين فقط بالنهب ويرفضن ببساطة الانصياع لأي قوانين لا يرغبن في احترامها. الشرطة، الحرس الوطني، الجيش، الأسطول والمارينز مجتمعون لن يستطيعوا إخماد تمرد ما يقرب نصف السكان، بخاصةً عندما يتعلق الأمر بأناس هم بأشد الحاجة إليهن وسيكونون بلا حول ولا قوة بدونهن.
ببساطة إن ترك النساء الرجال ورفضن كل شيء له علاقة بهم – على الإطلاق- سيسقط بالكامل الرجال ومعهم الحكومة والإقتصاد القومي. حتى من غير ترك النساء للرجال، فالنساء الواعيات بمدى تفوقهن وسلطتهن على الرجال يمكنهن أن يحصلن على التحكم بكل شيء في غضون أسابيع قليلة، سيكفي هذا لإستسلام الذكور الكامل للإناث. في مجتمع عاقل سيسير الذكر بكل طواعية خلف الأنثى. الذكر منصاع وسهل المراس ويخضع بسهولة لسيطرة أي أنثى تهتم بالهيمنة عليه. في الواقع، يريد الذكر بشكل بائس أن يقاد من قبل الإناث، يريد لماما أن تتولى قيادة الأمور، يرغب في ترك نفسه تحت رعايتها. لكن هذا ليس مجتمع عاقل ومعظم النساء لا يدركن ولو بشكل ضئيل مدى أهميتهن فى علاقتهن بالرجال.
الصراع إذن ليس بين الذكور والإناث، لكن بين الحثالة – إناث مسيطرات، رابطات الجأش، واثقات من أنفسهن، بذيئات، عنيفات، أنانيات، مستقلات، فخورات، باحثات عن الإثارة ، متعجرفات ومتحررات، يعتبرن أنفسهن جديرات لحكم الكون، لا تشبعهن حدود هذا المجتمع وعلى أتم الإستعداد للذهاب إلى أبعد مما يقدمه لهن – من جهة وبين بنات أبيهن اللطيفات، السلبيات، الراضيات، "المهذبات"، دمثات الخلق، الموقرات، الخاضعات،الإعتماديات، الخائفات، اللاعقلانيات، عديمات الثقة في أنفسهن، الباحثات عن القبول، اللاتي لا يستطعن التكيف مع المجهول، اللاتي يردن مرافقة القرود، اللاتي لا يشعرن بالأمان إلا مع بابا الكبير ورجل قوي للإتكاء عليه ووجه بدين ومشعر في البيت الأبيض، اللاتي هن أجبن من مواجهة حقيقة طبيعة الرجل البشعة، طبيعة الأب، اللاتي تركن مصيرهن في يد الخنازير، اللاتي تكيفن مع الحيوانية ويشعرن بالارتياح التافه معها ولا يعرفن أي "نمط حياة" آخر غيرها، اللاتي اختزلن عقولهن وأفكارهن وبصيرتهن إلى مستوى الذكر ولافتقادهن الإحساس والخيال والذكاء لا يمكنهن أن يكن ذوات قيمة إلا في "مجتمع" ذكوري، اللاتي يحصلن على مكان تحت الشمس، أو بالأحرى، في الوحل، فقط كمهدئات ومحفزات للأنا ومنجبات ومربيات، اللاتي يتم إعتبارهن غير مهمات من قبل الإناث الأخريات، اللاتي يسقطن عيوبهن وذكورتهن على جميع الإناث وينظرن إلى الأنثى كدودة.
لكن الحثالة لا تطيق صبراً في انتظار إفاقة ملايين من الحمقى. لماذا يجب على الإناث سريعات الخطى أن يتثاقلن بصورة بشعة مع الذكور المملين؟ لماذا يجب أن يتداخل قدر المستمتع بالحياة مع قدر المريب؟ لماذا يجب على الفاعل وواسع الخيال أن يأخذ برأي السلبي وذا الجمود الفكري في شأن السياسة الإجتماعية؟ لماذا يجب على المستقل أن يحشر في المجارى بجوار الإعتماديون الذين يحتاجون إلى بابا للإتكاء عليه؟ مجموعة صغيرة من الحثالة بإمكانها الأخذ بزمام الأمور في البلاد خلال سنة واحدة عن طريق الإفشال الممنهج للنظام، التخريب الإنتقائى للممتلكات والقتل.
ستصبح الحثالة فرداً في القوة الغير عاملة، القوة المخربة؛ سيحصلن على أعمال متعددة من اللا عمل. على سبيل المثال، مندوبات المبيعات الحثالة لن يبعن البضائع؛ عاملات الهاتف الحثالة لن يقمن بالرد على المكالمات؛ عاملات المكاتب والمصانع الحثالة، بالإضافة إلى إفشال عملهن، سيخربن سراً المعدات؛ لن تعمل الحثالة حتى يتم طردها، ثم تحصل على عمل آخر لكي لا تعمل فيه.
ستعفي قسراً الحثالة سائقي الحافلات والتاكسي وبائعي تذاكر مترو الأنفاق من أعمالهم وسيقدن هن الحافلات وسيارات التاكسي وسيوزعن تذاكر مترو الأنفاق مجاناً للناس.
ستدمر الحثالة كل الأشياء الغير مفيدة والمؤذية – السيارات، زجاج المتاجر، "الفن الراقي"، إلخ.
أخيراً ستسيطر الحثالة على الموجات الإذاعية – شبكات الراديو والتلفيزيون – عن طريق الإعفاء القصري لجميع موظفين الراديو والتلفيزيون الذين ستسول لهم أنفسهم عرقلة دخول الحثالة إلى استيديوهات الإذاعة.
ستستهدف الحثالة الأزواج – سيقتحمن الأزواج المختلطة ( الذكور- الإناث)، أينما كانوا، وسينهلن عليهم ضرباً.
ستقتل الحثالة جميع الرجال الغير منضمين إلى الفرع الرجالي للحثالة. الرجال في الفرع الرجالى هم هؤلاء الرجال الذين يعملون بدأب للقضاء على أنفسهم، رجال بصرف النظر عن دوافعهم يفعلون الخير، رجال يمكن اعتبارهم أصدقاء للحثالة. من أمثلة رجال الحثالة: الرجال الذين يقتلون الرجال؛ علماء البيولوجية الذين يعملون على مشاريع علمية بناءة في مقابل الحرب البيولوجية؛ الصحفيون، الكتاب،المحررون، الناشرون والمنتجون الذين يوزعون ويروجون لأفكار تؤدي إلى تحقيق أهداف الحثالة؛ المخنثون الذين يشجعون الرجال الآخرين، بقدوتهم الملتهبة، على القضاء على رجولتهم وبالتالي يقللون من درجة قدرتهم على الأذى بشكل نسبي؛ الرجال الذين يهبون الأشياء بإستمرار – المال، الأشياء، الخدمات؛ الرجال الذين يقولون الحق كما هو ( حتي الآن لم يسبق لأحد أن فعلها )، الذين يضعون النساء في نصابهن، الذين يكشفون حقيقة أنفسهم، الذين يلقنون الذكور الحمقى جمل صحيحة ليرددوها كالببغوات، الذين يقولون لهم أن هدف الأنثى الأساسي في الحياة هو القضاء على الجنس الذكرى ( لمساعدة الرجال على هذا المسعى ستقوم الحثالة بجلسات روث، حيث سيقوم كل ذكر مشارك فيها بإلقاء خطبة تبدأ بهذه العبارة: "أنا قطعة روث، روث حقير دنيء"، ثم يمضي في سرد جميع حالاته التي تبرهن على ذلك. كمكافأة على قيامه بذلك ستتاح له فرصة للتآخي مع الحثالة الحاضرات لمدة ساعة كاملة. سيُدعى الذكور اللطفاء النظيفون للجلسات للمساعدة في إزالة أى شكوك أو سوء فهم قد يكون لديهم عن الجنس الذكري)؛ مروجو وموزعو الكتب والأفلام الإباحية، إلخ، الذين يسرعون من قدوم اليوم الذي يكون فيه كل ما هو معروض على الشاشات هو المص والنيك ( الذكور، كالفئران الملاحقة لنغم المزمار، سيستدرجهم الكس إلى هلاكهم، سوف يتغلب عليهم ويغمرهم، وفي نهاية المطاف سوف يغرقون في حمأة شهوانية جسدهم السلبي)؛ تجار المخدرات والمدافعون عنها الذين يسرعون من وتيرة سقوط الرجال.
عضوية الرجال في الحثالة أمر ضروري لكنه ليس شرطاً كافياً لجعلهم من ضمن قائمة الناجين من الحثالة؛ فعل الخير وحده لا يكفي؛ لكي يحمي الرجال مؤخراتهم عديمة القيمة عليهم أيضا تفادي فعل الشر. أمثلة على الأنواع الأكثر بشاعة أو ضرراً على سبيل المثال لا الحصر: المغتصبون، السياسيون وكل من يخدمونهم ( النشطاء، أعضاء الأحزاب السياسية، إلخ )؛ المطربون والموسيقيون السيئون؛ رؤساء مجالس الإدارة؛ المعيلون؛ ملاك العقارات؛ أصحاب الملاعق الدهنية والمطاعم الذين يلعبون الموسيقى المسجلة ( Muzak )؛ "الفنانون الراقون"؛ حانثو العهود والنصابون الرخيصون؛ الشرطة؛ أباطرة رأس المال؛ العلماء الذين يعملون في مشاريع الموت والتدمير أو للصناعة الخاصة (عملياً جميع العلماء)؛ الكذابون و المخادعون؛ منسقو الأغاني؛ الرجال الذين يتطفلون بأدنى طريقة على أي أنثى غريبة عنهم؛ الوكلاء العقاريون؛ سماسرة الأسهم؛ الرجال الذين يتحدثون بينما ليس لديهم شيئاً ليقولونه؛ الرجال الذين يجلسون مكتوفي الأيدي في الشارع ويشوهون مناظر الطبيعة بوجودهم؛ التجار الغشاشون؛ المحتالون؛ من يلقون بالقمامة على الأرض؛ المنتحلون الفكريون ( Plagiarizers )؛ الرجال الذين يؤذون أي أنثى بأدنى طريقة؛ جميع الرجال في صناعة الإعلانات؛ الأطباء النفسيون والأطباء النفسيون الإكلينيكيون ؛ الكتاب غيرالصادقون، الصحفيون ، المحررون، إلخ؛ المراقبون على المستوى الخاص و العام؛ جميع أفراد القوات المسلحة، بمن فيهم من مجندين ( إل.بي. جي. وماكنامارا يعطون الأوامر، لكن رجال الخدمة ينفذونها) وبخاصة الطيارون ( عندما تسقط القنبلة، لن يسقطها إل. بي. جي؛ الطيار هو من سيقوم بذلك). في حالة الرجل الذي يقع سلوكه في أي من تلك الفئات الجيدة والسيئة، سيتم عقد تقييم عام نسبي له لتحديد إن كان سلوكه يرجح أية كفة، الجيدة ام السيئة.
من المغري أيضاً إستهداف "الفنانات الراقيات"، الكاذبات والمخادعات إلخ مع الرجال، لكن ذلك سيكون غير مرغوباً فيه، لأنه لن يكون واضحاً بالنسبة للجماهير أن الأنثى التي تم قتلها كانت ذكراً. جميع النساء لديهن نزعات خبيثة بداخلهن، بدرجة قد تكثر أو تقل، لكن هذا نابع من حياتهن الطويلة مع الرجال. بالقضاء على الرجال ستتحسن حالة النساء. النساء قابلات للتحسين؛ الرجال لا يمكن تحسينهم، اما سلوكهم فبلى. عندما تركل الحثالة مؤخراتهم ستيحسن سلوكهم بسرعة.
بالتزامن مع التخريب، السلب والنهب، ضرب الأزواج، التدمير والقتل، ستقوم الحثالة بالتجنيد. ومن ثم، ستتألف الحثالة من المُجنِدات؛ فيلق النخبة – النشطاء المتطرفات (المخربات، السارقات والمدمرات) ونخبة النخبة – القاتلات.
الحل لا يكمن في الخروج من المنظومة، بل في تدميرها. أغلب النساء يعتبرن خارج المنظومة بالفعل؛ بل لم يكن يوماً داخلها. الخروج من المنظومة يعطي قوة للقلة التي لا تخرج؛ الخروج هو بالضبط ما يريده قادة المنظومة؛ يصب هذا في مصلحة العدو؛ يقوي ذلك المنظومة عوضاً عن تقويضها، حيث أنها قائمة كليةً على اللا مشاركة، السلبية واللامبالاة لدى جموع النساء. على الضفة الأخري، الخروج من المنظومة سياسة ممتازة للرجال، وستشجعها الحثالة بحماس.
البحث داخل نفسك عن الخلاص، تأمل ذاتك، عكس ما يخيله لك الخارجون عن المنظومة، ليس الحل. السعادة توجد في ما هو خارج عنك، وتُنال عبر التفاعل مع الآخرين. نسيان الذات يجب أن يكون هدف المرء، لا الإنغماس فيها. الذكر، قادراً فقط على الأخيرة، جعل من الخطأ فضيلة ونصب الإنغماس في الذات لا كخير فحسب ولكن كالخير بالمعنى الفلسفي، وهكذا يحصل على الاحتفاء به لكونه عميقاً.
لن تقوم الحثالة بالإعتصام، بالتظاهر، بالمسيرات أو بالإضراب للوصول إلى أهدافهن. مثل هكذا تكتيكات هي للسيدات اللطيفات الأنيقات اللاتى يأخذن بصرامة فقط الإجراءات الغير مجدية. بالإضافة إلى ذلك، فقط النساء - الذكور المهذبات اللاتي يعشن بنظافة، المدربات جيداً على إغراق أنفسهن في مجموع النوع البشري، يتصرفن على أساس غوغائي. تتألف الحثالة من الأفراد؛ الحثالة ليست بغوغاء، أو فقاعة. فقط العدد الكافي من الحثالة سيفي بغرض القيام بالمهمة. كما أن الحثالة، نظراً لتميزهن وأنانيتهن، لن يخضعن للضرب على رأسهن بالهراوات؛ فهذا لسيدات الطبقة الوسطى اللطيفات، "الحاظيات بالإمتيازات، المتعلمات" اللاتي يكن احتراماً للإيمان المرهف بالطيبة الفطرية للأب ورجال الشرطة. إن قامت الحثالة بمسيرة، فستكون على الوجه الأحمق والمقرف للرئيس؛ إن قامت الحثالة بالإضراب، سيكون في الظلام وفي حوذتهن نصال ذوات ست بوصات.
ستتحرك الحثالة دائماً على أساس إجرامي عوضاً عن العصيان المدني، بمعنى آخر، عوضاً عن الإنتهاك الصريح للقانون والذهاب إلى السجن من أجل لفت الأنظار إلى الظلم. هكذا تكتيكات تسلم بصحة المنظومة ككل وتستخدمها فقط لتعدلها قليلاً ولتغير قوانين معينة داخلها. الحثالة ترفض المنظومة برمتها، تلفظ فكرة القانون والحكومة في أساسها. تبغي الحثالة تدمير المنظومة، لا الحصول على حقوق معينة داخلها. أيضاً، الحثالة – أنانيات دائماً، محفاظات على رباطة جأشهن دائماً – سوف تسعى دائماً إلى تفادي إكتشاف أمرهن والعقاب. ستكون الحثالة دائماً ماكرة، متسللة، مخادعة ( على الرغم من معرفة الجميع بمسؤولية الحثالة عن جرائم القتل التي ترتكبها).
سيكون التدمير والقتل على حد السواء انتقائياً وتمييزياً. الحثالة ترفض أعمال الشغب الجنونية، اللاتمييزية، المفتقدة لأي هدف والتي تقوم بأذى حتى من هم من جنسك. لن تقوم الحثالة أبداً لا بالتحريض، أو بالتشجيع أو بالمشاركة في أعمال شغب أي كان نوعها أو أي شكل من أشكال التدمير اللاتمييزى. سوف تتعقب الحثالة فريستها ببرود وخفية وستنقض بالقتل في هدوء. لن يكون التدمير أبداً من نوع قطع الطرق اللازمة لنقل الأغذية أو غيرها من الإمدادات الأساسية، تلويث أو قطع المياه، قطع الطرق والمرور إلى الحد الذى تعجز فيه سيارات الإسعاف من المرور أوعرقلة سير عمل المستشفيات.
ستستمر الحثالة في التدمير، السلب والنهب، التخريب والقتل حتى تنتهي منظومة المال- العمل من الوجود وتتم مأسسة الأتمتة أو حتى يتعاون عدد كافي من النساء مع الحثالة لجعل العنف غير لازم لتحقيق تلك الأهداف، هذا يعني، حتى يتسنى للعدد الكافي من النساء ألا يعملن أو يتوقفن عن العمل، ويشرعن في النهب، يتركن الرجال ويرفضن الانصياع لجميع القوانين الغير لائقة بمجتمع متحضر حقيقي. الكثير من النساء سينضمن، لكن أخريات، اللاتي استسلمن منذ زمن طويل للعدو، اللاتي تكيفن مع الحيوانية، اللاتي استسلمن للذكورية، اللاتي يعشقن الحدود والقيود، اللاتي لا يعرفن ما الذى يجب فعله حيال الحرية، سيستمررن في كونهن خانعات وخاضعات، حالهن كحال الفلاح في حقول الأرز الذى يظل فلاحاً للحقل بتعاقب الأنظمة عليه الواحدة وراء الأخرى. حفنة من الأكثر تقلباً منهن سيتذمرن ويعبسن ويلقين بألعابهن خرقهن الرثة على الأرض، لكن ستستمر الحثالة في سحقهن.
يمكن تحقيق مجتمع مأتمت بالكامل بسهولة وبشكل سريع حالما يكون هناك طلب عاماً له. مخططاته الهندسية موجودة بالفعل، وسيستغرق بناءه أسابيع قليلة فقط مع عمل ملايين من الناس عليه. على الرغم من موقعه الخارج عن النظام المالي، سيكون الجميع على رؤوسهم الطير للإنضمام وبناء المجتمع المأتمت؛ سيكون ذلك بشائر بداية حقبة جديدة رائعة، متبوعة بجو إحتفالي مصاحب لعملية البناء.
إلغاء النظام المالي والمأسسة الكاملة للأتمتة هي حجر زاوية الإصلاحات الأخرى التى ستقوم بها الحثالة؛ بدون الإثنين لا يمكن تحقيق الباقي؛ معهما ستتحقق باقي الإصلاحات بسرعة شديدة. ستنهار الحكومة تلقائياً. مع الأتمتة الكاملة ستتمكن كل امرأة للتصويت مباشرة على أي مسألة عن طريق جهاز إلكتروني للتصويت في منزلها. ونظراً للإنشغال الكلي تقريباً للحكومة بأمور تنظيم الشؤون الإقتصادية والتشريع ضد المسائل الشخصية البحتة، فإلغاء المال وما يصحبه من القضاء على الذكور الذين يريدون تشريع "الأخلاق" سيعني عملياً انتفاء مسببات التصويت بالأساس.
بعد القضاء على المال لن يكون هناك حاجة لقتل الرجال؛ سيجردون من السلطة الوحيدة لديهم على الإناث المستقلات نفسياً. سيتمكنون من فرض أنفسهم فقط على الخاضعات، اللاتي يعشقن أن يتسلط عليهن أحدهم. باقي النساء سينشغلن بحل المشاكل القليلة الباقية بلا حل قبل أن يختطن برامجهن للأبدية واليوتوبيا – الإصلاح الكامل للمناهج التعليمية حتى تتمكن ملايين من النساء في غضون أشهر قليلة التمرن على الأعمال الفكرية الراقية التي تتطلب الآن سنوات من التمرين (يمكن حدوث ذلك بيسر حينما يكون الهدف التعليمي هو التعليم وليس ترسيخ نخبة أكاديمية وفكرية)؛ حل مشاكل المرض والشيخوخة والموت وإعادة تصميم مدننا وأحيائنا السكنية. سيستمر عدد من النساء لبعض الوقت في الظن بأنهن يعشقن الرجال، لكن عندما يتعودن على المجتمع الأنثوي ويصبحن منغمسات في مشاريعهن، سيرين في نهاية المطاف عدم جدوى وتفاهة الذكور.
البقية الباقية من الرجال بإمكانهم تمضية أيامهم السقيمة في تعاطي المخدرات أو التبختر على الملأ بملابس نسائية أو الركون إلى المشاهدة السلبية للأنثى ذات القوة العالية وهي تعمل، محققون بذلك أنفسهم كمتفرجون وعائشون عبر الآخرين[*]. أو ييمكنهم اللجوء إلى التناسل مع المتملقات في مرعى البقر، أو يمكنهم الذهاب إلى أقرب مركز للإنتحار حيث سيتم، بهدوء وسرعة وبلا ألم، قتلهم بالغاز.
قبل مأسسة الأتمتة وإستبدال الذكور بالآلات، على الذكر أن يكون مفيداً للأنثى، أن يخدمها، أن ينصاع لأدنى نزوة لها، أن يطيع كل أوامرها، أن يخضع لها بشكل كامل، أن يعيش في طاعة كاملة لإرادتها، على عكس تلك الحالة العوجاء المنحلة التي نراها الآن في الرجال، ليس فقط عدم توقفهم عن الوجود، بل وإفسادهم العالم بوجودهم الشنيع، وما يحظون به من تملق وتذلل جموع الإناث لهم، ملايين النساء يعبدن العجل الذهبي بسخاء، مثل الكلب الذي يقود السيد الممسك بسلسلة المقود، بينما في حقيقة الأمر، الذكر-إن لم يكن في أفضل الأحوال منخنثاً- هو الذي سيكون أقل بؤساً إذا أعترف بموقعه ككلب،- فلا تطلب منه أي مطالب عاطفية غير واقعية وتكون الكلمة الأولى والأخيرة للأنثى الكاملة. الرجال العقلانيون يريدون أن يدهسوا، أن يداس عليهم، أن يسحقوا ويطحنوا، أن يعاملوا كأوغاد، كالقذارة التي هم عليها، يريدون أن يتم تأكيد بشاعتهم.
الرجال المريضون، اللاعقلانيون، هؤلاء الذين يحاولون الهروب من قرفهم، حينما يرون إنقضاض الحثالة عليهم، سيتمسكون في رعب بالأم الكبيرة ذات الأثداء المتحركة العرمرم، لكن الأثداء الكبيرة لن تحميهم من الحثالة؛ ستتمسك ماما الكبيرة ببابا الكبير، الذي سينزوي في ركن يتبرز داخل بنطاله القوي الدينامى. أما الرجال العقلانيون، فلن يركلوا أو يكافحوا أو يثيروا ضجة محزنة، لكنهم سيجلسون في الخلف، يسترخون، يستمتعون بالعرض ويمتطون الموجة المنطلقة نحو حتفهم.
1967 –
[*]سيصبح بإمكانهم إلكترونياً مغازلة أية أنثى يريدونها ومراقبة تحركاتها بالتفصيل. ستوافق الإناث على هذا بلطف وتواضع، لأن هذا لن يشكل لهن أدنى أذى وهي طريقة في غاية الطيبة والإنسانية للتعامل مع زملائهن تعساء الحظ والمعاقين.